حكم المسلمون معظم أنحاء شبه الجزيرة الاسبانية و خاصة مملكة غرناطة زهاء ثمانية قرون كانت لها أكبر الأثر فى الحضارات المجاورة فنجد أن الأمة الاسبانية تمت إلى الأمة الاندلسية الذاهبة بكثير من الظواهر العنصرية و الحضارية و الإجتماعية و هذا يتمثل فى الكثير من الصور و الآثار و الأطلال و الذخائر التى تعبر عن ذلك متمثلة فى الكثير من الجوامع و الكنائس و القصور و الأبواب و الصروح التاريخية و غيرها مما يدل على تغلغل الفكر إلى الحضارتين
إن الأندلس القديمة تبدو اليوم بلاداً اليوم بلاداً أسبانية نصرانية محضة لا يمكن أن يشعر أحد ان هذه البلاد كانت يوماً منزل أمة عربية إسلامية اللهم من آثار قليلة مثل ( حمراء غرناطه ، جامع قرطبة ، وبعض الحصون من هذه الآثار تكاد تختفى تحت الثوب النصرانى ، ومن القواعد الأندلسية القديمة : قرطبة وإشبيلية وطليطلة وسرقسطة وبلسنية ومرسية وغرناطة وهذه الآثار لا يكاد يظهر شئياً من مظاهرها الإسلامية القديمة فالمساجد كلها قد هدمت او حولت إلى كنائس أو بنيت الكنائس فوق أنقاضها ومع أن السياسية الأسبانية فى عصور التزمت ومن ورائها الكنيسة تضطرم بغضاً للأمة الشهيدة ودينها وحضارتها تريد أن تسحق تراثها المادى ولكنها لم تستطيع أن تقضى على تراثها المعنوى والحضارى .
يضم الكتاب بين أوراقه الدولة الأموية فى الأندلس حيث يتحدث عن ولاية عبد الرحمن الناصر وغزوات المسلمين فى غاليس وشمال إيطاليا وسويسرا وكذلك يتحدث عن حكم المستنصر بالله والمؤيد بالله كما ينتقل الكتاب للحديث عن الدولة العامرية والممالك الإسبانية النصرانية خلال القرن العاشر الميلادى ثم سقوط الدولة العامرية والخلافة الأندلسية ودولة بنى حمود كل ذلك مذيل بالحديث عن النظم الإدارية والحركة الفكرية فى عصرى الإمارة والخلافة مع التوضيح بالوثائق التاريخية والخرائط .
ان عصر الطوائف من بين عصور التاريخ الاندلسى أكثرها تبايناً وإضطراباً لا تكاد تجمع بين وحداته المتناثرة و لكل وحدة منها ظروفها وسيرتها الخاصة ، و هذا المجلد من " دولة الاسلام فى الاندلس " يتضمن تاريخ هذا العصر المضطرب ( عصر الطوائف ) و هو العصر الثانى من تاريخ الاندلس ويشغل عصر الطوائف من تاريخ اسبانيا المسلمة زهاء سبعين او ثمانين عاماً منذ انهيار الخلافة الاندلسية و إنقسامها إلى وحدات متعددة تزعم لنفسها الإستقلال و الرياسة المطلقة و لا تربطها بجاراتها أية رابطة إلا المنافسة أو الحرب الأهلية فى سبيل الغنم و التوسع وهذا البحر الأعظم من المنافسات و الحروب هو قوام عصر الطوائف